
يواجه إصرار الحكومة الصينية الذي لا يتزعزع على القضاء على أي أثر لفيروس كورونا أكبر إختبار له حتى الآن بينما تكافح السلطات مع الإنتشار السريع لـسلالة أوميكرون Omicron، وقد يكلف هذا ثاني أكبر إقتصاد في العالم ثمناً باهظاً هذا العام.

ظهرت سلالة أوميكرون في جميع أنحاء الصين في الأيام الأخيرة، بما في ذلك في مدن الموانئ الرئيسية مثل داليان وتيانجين، مما أدى إلى فرض قيود يمكن أن تؤثر على العمليات التجارية في تلك الأماكن.
تتعامل بقية بلدان العالم مع إنتشار سلالة أوميكرون Omicron، لكن الصين مُختلفة بسبب نية السلطات الحكومية والصحية في منع أي تفشي واسع النطاق عن طريق إغلاق المدن والحد من السفر.
هذا الأسلوب الصارم فعال حتى الآن، فقد سجلت الصين عددًا أقل بكثير من حالات الإصابة بفيروس كورونا، مقارنة بالعديد من الدول الأخرى خلال الوباء، وكان إقتصادها هو الإقتصاد الرئيسي الوحيد الذي نما في عام ٢٠٢٠…( ** عددياً ).

على الرغم من ذلك، يُهدد تفشي سلالة أوميكرون Omicron بكشف بعض العيوب الخطيرة في تلك الخطة.
السلالة أكثر قابلية للإنتشار من غيرها، مما يجعل من الصعب إحتوائه.
بينما تتعلم بقية بلدان العالم كيف تتعايش مع الفيروس، يقول الإقتصاديون:-
“ إن إستراتيجية عدم التسامح مع إنتشار فيروس كورونا، من المرجح أن تؤدي إلى نتائج سيئة أكثر في عام ٢٠٢٢ “
على سبيل المثال، خفض بنك غولدمان ساكس للتو توقعاته للنمو الإقتصادي الصيني في عام ٢٠٢٢، إلى ٤.٣ ٪ من ٤.٨ ٪.
هذا ما يقرب من نصف ما يقدرونه معدل النمو في العام الماضي.
كتب محللو مصرف غولدمان ساكس في مذكرة، يوم الثلاثاء الماضي :-
” إن هذه التنقيحات تأتي في ضوء أحدث تطورات فيروس كورونا – على وجه الخصوص، المستوى المتوسط المرتفع المحتمل للتقييد، وبالتالي التكلفة الإقتصادية، لإحتواء سلالة أوميكرون Omicron الأكثر عدوى “
تبنى مصرف مورغان ستانلي Morgan Stanley وجهة نظر مماثلة مفادها :-
” إن إنتشار سلالة أوميكرون Omicron قد تعني أن تكاليف أسلوب عدم السماح بأي إصابات، قد تفوق فوائدها “
توقع محللو مصرف مورغان ستانلي، الأسبوع الماضي نموًا بنسبة ٤.٩ ٪ في الربع الأول للناتج المحلي الإجمالي للصين، لكنهم يعتقدون أنه قد يتباطأ إلى ٤.٢ ٪ إذا أنتشرت سلالة أوميكرون Omicron إلى مناطق أخرى، وأدى إلى عمليات إغلاق مُتعددة على مستوى المدن.
أشار المحللون إلى تعطل كبير للخدمات، بإعتباره الخطر الأكبر للصين، إذا وسعت البلاد إجراءات الإحتواء إلى عدة مدن.
من شأن ذلك أن يُمثل المحاولة الأشد والأوسع نطاقا التي تبذلها الصين لإحتواء الفيروس منذ نيسان / أبريل ٢٠٢٠، عندما رفعت إغلاقها الهائل على مدينة ووهان، المركز الأصلي لإنتشار فيروس كورونا.
تتعامل باقي بلدان العالم مع تصعيد سريع لحالات الإصابة بفيروس كورونا – سلالة أوميكرون Omicron ، لكن الصين مُختلفة بسبب نية السلطات في منع أي تفشي واسع النطاق.
إلى جانب قطاع الخدمات غير المستقر في البلاد، والذي يعاني بالفعل بسبب تفشي فيروس كورونا المتقطع، وإجراءات مكافحة إنتشار الفيروس، يمكن أن يضع إنتشار سلالة أوميكرون Omicron ضربة كبيرة للمصانع وسلاسل التوريد، مما يؤدي إلى تفاقم التهديد الإقتصادي.
أدى إندلاع سلالة دلتا القديمة، إلى إغلاق المركز الصناعي لمدينة شيان Xi’an في وقت سابق، مما أثر على خطوط إنتاج شركات تصنيع الرقائق العالمية مثل سامسونج Samsung و مايكرون Micron .
ثم هنالك حالات لسلالة أوميكرون Omicron المُكتشفة في مدن الموانئ الرئيسية، حيث تفاقم إزدحام السفن في الموانئ الصينية مؤخرًا، مع تطبيق المزيد من المدن للقيود الصارمة بسبب تفشي الفيروس، أو أثناء تشديدهم لسياسات الإختبار قبل موسم عطلة رأس السنة الصينية الجديد، الذي يبدأ في ٣١ كانون الثاني / يناير ٢٠٢٢.
بدأت محطة شيكو Shekou في شنتشن Shenzhen، على سبيل المثال، في تقييد جلب سائقي الشاحنات للحاويات المُحملة.
بدأ من يوم الجمعة، لا يمكن لسائقي الشاحنات الدخول إلى المحطة، إلا إذا كان لديهم حجوزات للحاويات المتجهة للتصدير على متن السفن التي تصل في غضون ثلاثة أيام، حسبما قال المشغل في بيان هذا الأسبوع.
تردد القيود الحالية، تلك القيود التي كانت سائدة في العام الماضي، عندما أغلقت عدة موانئ صينية لفترة وجيزة بعد إكتشاف إصابات لدى عمال رصيف تحميل وتفريغ.
أدت هذه المشكلات إلى تراكم الحاويات المتراكمة في الأصل، التي تنتظر المغادرة وتراكم السفن التي تنتظر الرسو – وزادت من الضغط على سلاسل التوريد العالمية.
حتى الآن، لا يبدو أنه هنالك تأثير دائم على التجارة.
أظهرت بيانات الگمارك الصادرة يوم الجمعة:-
أن الصادرات قفزت بنسبة ٢١ ٪ في كانون أول / ديسمبر ٢٠٢١، مقارنة بالعام الماضي، متجاوزة التوقعات.
بلغ الفائض التجاري للبلاد ٦٧٦ مليار دولار في عام ٢٠٢١، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.
يشير ذلك إلى أن الأسلوب الذي تتبعه الصين قد يكون مفيداً بالفعل.
تكون طلبات التصدير قد أنتقلت إلى الصين من البلدان النامية الأخرى بسبب ضرر سلالة أوميكرون Omicron لسلسلة التوريد العالمية، وفقًا لـ زي وي زانغ Zhiwei Zhang ، كبير الإقتصاديين في پن بوينت منجمنت Pinpoint Asset Management.
ومع ذلك، هنالك مخاطر – خاصة إذا فرضت الصين إغلاقًا على مستوى البلاد.
كتب جوليان إيفانز بريتشارد Julian Evans-Pritchard:-
” على الرغم من أن موجة الفيروسات الأخيرة في الصين لم تؤثر كثيرًا على الصادرات في كانون أول / ديسمبر ٢٠٢١، إلا أن التقارير الإعلامية تشير إلى تزايد الإزدحام المرتبط بتفشي الفيروس والتأخيرات في عدد من الموانئ الصينية الرئيسية منذ بداية العام “.
كبير الاقتصاديين الصينيين في كابيتال إيكونوميكس ، في مذكرة بحثية يوم الجمعة.
” مع ظهور حالات في المزيد من المدن التي تضم الموانئ في الأيام الأخيرة ، بما في ذلك داليان وشنغهاي، من المرجح أن يتفاقم الوضع على المدى القريب، مما يؤدي إلى إنخفاض الشحنات هذا الشهر “
من غير المرجح أن تتخلى الصين عن أسلوبها الخاص بـ منع أي إصابات بفيروس كورونا، لبعض الوقت.
أحد الأسباب، وهو أن لقاح مضاد لفيروس كورونا، تنتجه الصين، بواسطة شركة سينوڤاك Sinovac ، ليس فعالًا مثل اللقاحات الآخرى، ضد سلالة أوميكرون، وفقًا لتقارير حديثة.
كتب المسؤولون التنفيذيون في مجموعة أوراسيا Eurasia Group في تقرير نُشر في وقت سابق من هذا الشهر:-
” ليس لدى السكان فعليًا أي أجسام مضادة من اللقاحات ضد سلالة أوميكرون، الإبقاء على البلد مُغلقًا لمدة عامين زاد الآن من خطورة إعادة فتحه “.
إلى جانب المخاوف بشأن صحة سكانها، من المرجح أن تُقنع ( حفنة ) من الأحداث المهمة القادمة، الحكومة الصينية على الإستمرار في المسار.
تستضيف البلاد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام ٢٠٢٢ في شهر شباط / فبراير القادم، مما يجعل إحتواء سلالة أوميكرون، مهمًا على المدى القريب.
من المتوقع على نطاق واسع أن يسعى الرئيس الصيني شي جن بنغ إلى فترة ولاية ثالثة تأريخية في منصبهِ، عندما يعقد الحزب الشيوعي الصيني مؤتمره العشرين للحزب، في النصف الثاني من هذا العام، مما يؤكد الحاجة إلى إستقرار الأوضاع في غضون ذلك.
ومع ذلك، فإن التكلفة الإقتصادية لإحتواء سلالة أوميكرون، يمكن أن تكون كبيرة.
كتب المحللون في نومورا Nomura، وهي شركة خدمات مالية مقرها اليابان، هذا الأسبوع :-
” إن مبيعات التجزئة والخدمات الأخرى قد تتعرض لضربة كبيرة إذا كان هنالك المزيد من عمليات الإغلاق، وإن فوائد الأسلوب من المحتمل أن تتضاءل بينما ترتفع التكاليف، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٢.٩ ٪ للربع الأول ، و ٤.٣ ٪ لكامل عام ٢٠٢٢ “.
في غضون ذلك، وصف رئيس مجموعة أوراسيا – إيان بريمر، ورئيس مجلس الإدارة – كليف كوبتشان Cliff Kupchan:-
” فشل سياسة الصين الخاصة بعدم السماح بإي إصابات، باعتباره الخطر السياسي الأقليمي العالمي الأكبر لعام ٢٠٢٢، مما يشير إلى أن إنهيار هذا الأسلوب قد يؤدي إلى تفشي أكبر، وعمليات إغلاق أكثر شدة وإضطراب اقتصادي أكبر “
وكتبوا في توقعاتهم هذا الشهر:-
” إنه عكس ما يريده الرئيس الصيني، شي جن بنغ، أن تكون بلاده في الفترة التي تسبق ولايته الثالثة، مستقرة، لكن لا يوجد شيء يمكنه فعله حيال ذلك، النجاح الأولي لأسلوب عدم السماح بإصابات، ومحاولة ربط شخصية رئيس الصيني به، تجعل من المستحيل تغيير المسار “
من المحتمل أن يكون الإقتصاد الصيني قد نما بأبطأ وتيرة له في ( عام ونصف في الربع الرابع ٢٠٢١ )، متأثرًا بضعف الطلب بسبب تراجع سوق العقارات ، القيود على الديون، وإجراءات فيروس كورونا الصارمة، مما زاد من حدة التوتر على صانعي السياسات لإتخاذ المزيد من خطوات التيسير. .
أظهر إستطلاع لوكالة رويترز :-
” إن بيانات يوم غد الإثنين، من المتوقع أن تُظهر نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٣.٦ ٪ في الفترة من تشرين أول / أكتوبر إلى كانون أول / ديسمبر ٢٠٢١، مقارنة بالعام السابق – وهي أضعف وتيرة منذ الربع الثاني من ٢٠٢٠، وتباطؤ بنسبة ٤.٩ ٪ في الربع الثالث “
من المقرر أن تنشر الحكومة الصينية، بيانات الناتج المحلي الإجمالي GDP، إلى جانب بيانات نشاط كانون أول / ديسمبر، يوم غد الإثنين الساعة ٢:٠٠ بتوقيت غرينتش.
الصادرات، التي كانت واحدة من مجالات القوة القليلة في عام ٢٠٢١، للإقتصاد الصيني، من المتوقع أن تتباطأ، في حين أن الحكومة الصينية تواصل سيطرتها على الإنبعاثات الصناعية.
تعهد صُناع السياسة في الصين، بتجنب تباطؤ أكثر حدة، قبل مؤتمر رئيسي للحزب الشيوعي أواخر عام ٢٠٢٢.
من المقرر أن يكشف البنك المركزي الصيني النقاب عن المزيد من خطوات التيسير ، على الرغم من أنه من المرجح أن يفضل ضخ المزيد من السيولة في الإقتصاد، بدلاً من خفض أسعار الفائدة بشدة ، حسبما قال المطلعون على السياسة والإقتصاديين لوكالة رويترز.
يتوقع محللون أستطلعتهم وكالة رويترز :-
” أن يقدم البنك المركزي خطوات تخفيف أكثر تواضعا، بما في ذلك خفض معدلات إحتياطي البنوك لسعر الفائدة الأساسي للقرض لمدة عام (LPR) – سعر الإقراض القياسي “
قال محللون في مذكرة :-
” إنهم يرون إحتمالية أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة على تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل (MLF) يوم الإثنين “
كما تعهد صناع السياسة في الصين، بتكثيف الدعم المالي للإقتصاد، وتسريع إصدار السندات الحكومية المحلية لتحفيز الإستثمار في البنية التحتية والتخطيط لمزيد من التخفيضات الضريبية.
قال المحللون في Natixis في مذكرة:-
” قد نرى تأثيرًا أكبر للتيسير النقدي والمالي في النصف الثاني من عام ٢٠٢٢، بسبب تأخر إنتقال هذه السياسات “.
” يشير التيسير النقدي الأخير وإستقرار مؤشر مديري المشتريات ( نشاط المصنع ) إلى مثل هذا الإتجاه، ولكن هنالك حاجة إلى مزيد من الجهود لتعزيز الإستثمار في الأصول الثابتة “
وبحسب الإستطلاع، من المرجح أن يتباطأ النمو في الناتج المحلي الإجمالي للإقتصاد الصيني إلى ٥.٢ ٪ في عام ٢٠٢٢، من ٨ ٪ في ٢٠٢١.






